بعد مرور أربعة أشهر منذ عملي كـ مخرج فني، واللي كانت عبارة عن فترة أنتجت فيها مايقارب ماانتجته في عامين ونصف …. قررت أدوّن تجربتي في بداياتها
- لازلت أتذكر هذا اليوم 1/1/2018 لما كتبت هذي الأمنية “اريد أن اصبح آرت دايركتر“
كنت ابحث بشكل مهووس كيف ممكن اصير آرت دايركتر، ووش المهارات اللي تنقصني؟ كنت افكر بإني إذا ابغى اكون آرت دايركتر، ماراح انتظر أحد يحطني في هالمكان، لازم أكونه بالأول، ذيك الساعة بستحقه …. فبدأت اوسع اطلاعي وأحاول اركز في شغلات كنت أحس إن عندي قصور فيها وآخذ عليها كورسات أونلاين، من باب تسليه .. مااخذته بجدية، ولأن الآرت دايركشن ينقسم لنصفين: الأول (اداري) والثاني (فني)
كنت اشوف إن الجانب الإداري عندي اطلاع فيه من سنوات بحكم إن 50٪ من قرآءاتي وأنا شخص يحب القرآءة كانت من نصيب الكتب الإدارية .. فكنت أظن إن عندي قاعدة معلومات/نصائح لا بأس بها، لكن الجانب الفني لازلت أتعلم ولا أظن ان المرحلة اللي تخليني اتطمن قريبة …. المجال مُتجدد ومتطور ولا تقدر تدري متى بترضى عن نفسك.
وبالرغم من هذا كله، أنا متفآجئة بسرعة تحقق امنيتي –والشكرلله– خلال عدة اشهر جاني عرض بالمنصب اللي أبغاه بالضبط، وفي المكان المفضل كذلك 🙂
لكن الواقع كان مُفاجئ، طبيعة العمل نفسها، ماتصورتها كذا … صحيح حبيتها، لكنها مرهقة وَلها سلبيات كثير حقيقة …. فـ فيه شغلات لازم تعرف إنك بتواجهها إذا كنت تفكر يومًا ما تجرب هالمسار:
- راح تفقد التنفيذ بشكل كبير … لأن بتكون مشرف أكثر من انك منفذ، وإذا كان التنفيذ متعتك الأكبر فتأكد بإنك راح تفقده لحد كبير.
- بتنشغل بأشياء ادارية بقدر مساوي للأشياء الفنية، وإذا قصرت في الأولى
راح تصدم بجدار. - راح تعامل مع بشر أكثر من تعاملك مع البرامج والأجهزة، واللي يتطلب الكثيييير من الصبر وَالحكمة وَالهدوء.
- بتكون واجهة كل شيء، داخليًا بأنك المتحدث باسم الفنانين أمام الادارة (العارض وَ المُدافع وَ الموصل لآرائهم)، وعكسيًا إنت واجهة الإدارة أمام الفنانين (موصّل النقد وَالملاحظات والمواعيد النهائية).
- راح تكون في صراع نفسي (إذا كنت من النوع اللي يكترث لمشاعر الموظفين)، بسبب الكمّ الهائل من الملاحظات اللي لازم توصله للفريق واللي البعض مايقدر إنه مايتضايق منها، وهذا ماله علاقة بكفآءتهم.
- بتواجه تحدي في تحفيز الفريق، وقد تشعر أحيانًا بأنك غير قادر على إلهامهم أو إشراكهم حماسك، بل والأسوأ انك قد لاتكون متحمسًا بالأصل، وتصل لمراحل تعمل وانت مُكره.
- بتواجه خيبات أمل كبيرة، بسبب مشاريع تُرفض، أو يصلك عليها نقد جارح أو شديد اللهجة، سواء من العميل أو الإدارة… وبتضطر تمتصها بهدوء وتتظاهر بإن الأمر عادي جدًا، بينما هو قاتل.
- أحيانًا …. راح يلاحظ الفريق إنهيارك، لكن يُتوقع منك أن تكون سوبرهيرو.
- ستُختبر دائمًا .. ستُختبر آرائك، ستُختبر مهاراتك، تأكد إذا بتقول شيء إنك قدّه، الشيء اللي تجبر فريقك يسوونه وانت بالأصل ماتقدر تسويه، قد تضطر لعمله .. لذلك لاتطلب من الآخرين مالا تستطيع أنت بنفسك تحقيقه، راح تِنكشف … الانتقاد المُتعالي أو التقليل من الجهود المبذولة في الأعمال سيجعلانك اسوأ مايكون في نظر فريقك، لذلك ضع نفسك في مكانهم دائمًا.
- التواصل/الاجتماعات سيأكلان معظم وقتك، فإذا قدّرت إنك تنجز مهمة في 8 ساعات، قد لايصفى لك منها إلا 4 ساعات عمل فقط والباقي سيأخذه التواصل.
- التقطيع سيكون شديد. لأن دورك تساعد، وتقدم معلومات وتوضيحات .. أي تأخير أو سحبة على استفسارات وصلتك، معناتها إن الفريق سيتعطل، وراح تقدّمهم دائمًا عليك. انسى المخمخة اللي كنت فيها وانت موظف عادي، انت الآن مسؤول … ستبرد اكواب قهوتك دائمًا.
- راح تتصادم مع الوقت كثير، وبتتضطر لاستخدام تطبيقات أو أوراق في كل مكان لتذكيرك بالمواعيد النهائية للأعمال، لأنك وقت الضغط بتنسى التواريخ، ناهيك عن لو كانت كثيرة بالأصل ولا فيه مجال لتذكرها.
- التركيز راس مالك، بتجيك أوقات ودك تسلّك، ودك تمشي الشغل بس. لكن بتندم بقدّ المرات اللي تهاونت فيها.
- انسى تكون محبوب من كامل الفريق …. حافظ على احترامهم لك فقط، انت بالنسبة لهم الشخص المزعج اللي يطوّل/يعرقل شغلهم رضيت أم ابيت.
- ستُثقل بمسؤليات غيرك –ما عُدت وحدك– ستُلام على اخطاء فريقك، ودورك كـ مدير تتحمل هذا العبئ وحدك، لأنك لو فكرت تشاركهم كامل الانتقادات او الملاحظات اللي توصلك راح تدمّر نفسياتهم ولا راح تقدر تستجمع طاقتهم وحماسهم للعمل معك.
- ستسهر …. كثيرًا.
- ستعمل خارج ساعات العمل بدون –أوفر تايم– وبدون أن يطلب منك أحد حتى، راح تلقى نفسك مُجبر تحل المشكلات بعد ساعات الدوام لأنك تبغى ساعات الدوام تجي بدون أي عرقلة وكل الامور اوكيه، ستشتاق لعائلتك وحياتك الاجتماعية، سيكون الويكيند مُتنفسك الوحيد إن وُفقت في حراسته من العمل كذلك.
- ستجد نفسك تُصلح بعض الأمور سرًا، وستتجاهل بكامل الرضا إيصال ذلك للأشخاص المعنيين، ولن أخبرك لماذا، ستكتشف بنفسك.
- ستكتشف إن إدارة الوقت ماهي بالسهولة، وراح تحترم كل شخص يحترم وقته ويقدّر ساعات العمل الفعلية ولا يخلط بينها وبين حياته الشخصية … قد يأخذ منك وقت حتى تستوعب معنى إن “البقاء في المكتب أو السهر لساعات أطول ليس إلا سوء في إدارة الوقت“ ماهو شطارة أبدًا، وستذكرك الهالات وصحتك إذا نسيت.
- سـ تبكي.
هل هذا يعني إن تقييمي للتجربة كان سيء؟ لأ، نهائيًا … اقدر اصنفها من افضل تجارب حياتي، وخلني اوضح بنقاط ليه؟
- راح تتعلم بوقت قصير، العمل اللي كنت تنجزه وحدك، الآن إنه تنجز اضعافه وفي نفس الوقت بحكم إنك تشرف، يصير عندك فُسحة من الوقت إنك تتنقل من مشروع لآخر وتتابع مع أكثر من شخص والمحصلة أعمال أكثر … بالسابق كنت تغوص في تفاصيل التنفيذ ولايمكن انتشالك لمهمة أخرى.
- راح تلقى نفسك في عملية مستمره من البحث عن الأجوبة والحلول، وبقدر ماتبحث (مجبرًا) بتلقى، وهذا الشيء اللي مايتوفرلك إلا في الأحوال اللي تنحبس فيها مع التحديات وَالمشاكل.
- راح تصطدم مع نفسك، راح تحاول تعيد تعريف نفسك لنفسك، هل أنا اللي يقولونه؟ ولا أنا اللي أعرفني؟ راح تقيم نفسك بشكل مختلف، راح تكتشف عيوب جديدة ماكنت تعرفها عن نفسك، وكعادة الاكتشاف والاعتراف بالمشاكل، الحلول تكون في كانٍ ما بالقرب ….. مايعني تطور شخصي قادم.
- راح تستفيد من خبرة فريقك، من خبرة المتخصصين منهم، راح تتعلم منهم بمجرد اقترابك، بمجرد المراقبة والملاحظة، بتكتشف إنك بديت تتعلم ميزة من فلان، ومن فلان، ومن فلان .. راح تلقى بإنك محاط بمجموعة مُلهمين، لأنك ما عُدت وحدك.
- راح تتلقى نقد وملاحظات بمستوى أعلى من السابق، اللي كُنت تتعرض له من انتقادات كرسام/محرك، مختلف تمامًا عن اللي بيوصلك كآرت دايركتر … بتُنتقد في شغلات أعمق، نواحي إخراجية، وفهم المُتلقي للرسائل، وضوح العناصر في الشاشات باختلافها، متانة الكونسبت، تحمل الستايل لاستمراره لأكثر من فيديو .. الخ .. أما الانتقادات الصغيرة مثل قصة شعر شخصية، أو شكل حذاء أو شكل اطار أو حجم رأس، هذي بتودعها … وهذا بيفتحلك آفاق جديدة بطبيعة الحال.
- راح تتعلم التنظيم والترتيب اكثر وأكثر، تنظيم ملفاتك، ترتيب ونظافة شغلك … أي حركة تسليكية، راح تكلفك الكثييير (ولا عمل سيُفلت، راح تاكل أي تسليك، صدقني)، وإذا ماتعلمت هالشيء بنفسك راح تعلمك إياه الوهقات بأسوأ طريقة ممكنة. وبطبيعة الدقة والتنظيم ينقلونك لـ مستوى اكثر احترافية.
- راح تلقى نفسك مُتحفز للتعلم والتطوير اكثر من أي وقت قبل، تقدر تقول إن مكانك كآرت دايركتر يعطيك الطاقة اللي تصبّرك على الاطلاع والتعلم المملين.
هل أنا مُتأكدة من رغبتي بالاستمرار في هذا الطريق؟ لا أعلم حقيقةً. الوقت كفيل بوضع كل شيء في مساره طالما عندي رؤية واضحة لماذا أريد أن افعل!
كل الحب،
عايشة
رائع جداً عايشة , موفقة إن شاء الله بهالتجربة وعقبال ما نشوفك تفتحي استديو خاص فيكي .
إعجابLiked by 1 person
من بؤك لباب السما
إعجابإعجاب
شكرا جزيلا ع مشاركتنا تجربتك … احببت مدونتك وسردك 💚
إعجابLiked by 1 person
العفو، سعيدة بزيارتك يا عزالدين
إعجابإعجاب